من طرف Admin الخميس أبريل 16, 2009 3:04 pm
تأسيس بجاية :
ظلت قلعة بني حماد عاصمة للدولة الحمادية منذ عهد مؤسسها حماد الذي توفي سنة 419هـ وحتى عهد الناصر بن علناس بن حماد ، مروراً بعهود القائد بن حماد المتوفي سنة 446 هـ و محسن بن القائد ، الذي لم يستمر بالإمارة أكثر من تسعة أشهر , وعهد بلكين بن محمد بن حماد ، والذي يمكن اعتباره عهداً انتقالياً بين عهدي "محسن" و"الناصر " وذلك لما اكتنفه من أحداث داخلية...إلا أن "الناصر" كره الإقامة في القلعة بالرغم من أنها أصبحت في عهده عاصمة دولة قوية , تشتمل على ست ولايات هي : مليانة وحمزة (البويرة حالياً ) ونقاوس وقسنطينة ، والجزائر ، ومرسى الدجاج ، وأشير .. فأسس بجاية , وانتقل إليها في عام 461هـ .
وفي معجم البلدان كتب ياقوت الحموي ، يصف بجاية وسبب اختطاطها وما انطوي عليه من أحداث: ...مدينة على ساحل البحر بين أفريقية والمغرب كان أول من اختطها الناصر بن علناس بن حماد بن زيري في حدود عام 457هـ بينها وبين جزيرة مزغناي (الجزائر العاصمة حالياً) أربعة أيام كانت قديماً ميناء فقط , ثم بنيت المدينة من لحف جبل شاهق ، وفي قبلتها جبال كانت قاعدة ملك بني حماد وتمسى "الناصرية" أيضاً باسم بانيها , وهي مفتقرة إلى جميع البلاد , لا يخصها من المنافع شيء إنما هي دار مملكة , تركب منها السفن وتسافر إلى جميع الجهات وبينها وبين " ميلة " ثلاثة أيام.
وكان السبب في اختطاطها أن تميم بن المعز بن باديس ، صاحب أفريقية أنفذ إلى ابن عمه "الناصر بن علناس" " محمد بن البعبع" رسولاً لإصلاح حال كانت بينهما فاسدة , فمر" ابن البعبع " بموضع "بجاية " وفيه أبيات من البربر قليلة , فتأملها حق التأمل ...وأشار عليه (أي على الناصر) ببناء "بجاية" وأراه المصلحة في ذلك , والفائدة التي تحصل له من الصناعة بها , وكيد العدو .
فأمر من وقته بوضع الأساس وبناها بعسكره.. .ولما توفي الناصر سنة 481هـ واصل خلفه ما كان عليه من اهتمام بعمران المدينة , ولا سيما ابنه المنصور الذي خلفه في الإمارة , وكان معروفاً بولعه بالبناء ، فأسس جامع "بجاية" وجدد قصورها ، وتأنق في اختطاط المباني ، وتشييد القصور وإجراء المياه في الرياض والبساتين.
دور بجاية السياسي :
أولاً : في حركة الموحدين :
لا تكاد تجد حقبة هامة في تاريخ المغرب العربي الكبير إلا وبجاية تشكل محور أحداثها ... فدولة الموحدين التي يمكن اعتبارها مرحلة حاسمة في تاريخ الأمة الإسلامية في جناحها الأفريقي انبثقت نواتها الأولى في بجاية , أو قريباً منها , ذلك أن "عبد المؤمن بن علي الكومي الندرومي الجزائري " التقى ( قابل) " المهدي بن تومرت المصمودي المغربي " في مسجد ملالة الذي يبعد نحو ستة أميال عن بجاية , وقررا الإطاحة بالدولة الزيرية في تونس , والدولة الحمادية في الجزائر ، والدولة المرابطية في المغرب ، فقد شاخت , وهزمت جميعها , ودب فيها الفساد والانحلال , حتى قال عنها ابن خلدون : "استرجلت فيها النساء ، وتأنث فيها الرجال ، وانقلبت المفاهيم ، وانعكست الآية ..."ومن ربوع بجاية انطلقت دولة الموحدين تقوم الاعوجاج , وتعيد الأمور إلى نصابها ، وتوحد المسلمين في الشمال الأفريقي والأندلس...
ثانياً : في تأسيس الدولة العثمانية بالجزائر :
دخل العثمانيون الجزائر من بوابة بجاية , .. ففي حدود عام 914هـ (1510م) غزا الإسبان بلاد المغرب العربي , واحتلوا مدن سبتة ومليلة ووهران والمرسى الكبير والجزائر وبلغوا بجاية ,وكان عليها يومئذ صغيران ضعيفان يتازعان السلطة (عبدالرحمن وعبدالله) فاستعان كل منهما ضد الآخر بالإسبان – على طريقة ملوك الطوائف في الأندلس , مما سهل مهمة الأعداء في دخول المدينة , وتدميرها والقضاء على أميريها وعمرانها , الأمر الذي دفع نفراً من علمائها أن يذهبوا إلى تونس , ويدعوا أربعة أخوة عثمانيين , هم عروج وخير الدين وإسحاق وإلياس , للقدوم إلى بجاية وتنظيم بحريتها , وتوحيد صفوف المقاومة فيها ، وتخليصها من الإسبان ، إذ لم تكن الدويلات المغربية في ذلك الوقت من القوة بحيث يمكنها صد المستعمرين.
ولما جاء الإخوة العثمانيون إلى بجاية نظموا البحرية ، وأرسوا دعائم قيام دولة حديثة , ثم دُعوا إلى مدينة الجزائر , فأسس ثلاثة منهم فيها (حيث كان رابعهم وهو إلياس قد استشهد في بجاية) الدولة العثمانية الحديثة , وكانت دولة مستقلة تماماً عن الدولة الأم ، وكان كل ما يصدر عنها , يصدر باسم (الجزائر المحروسة) ولقد دافع العثمانيون بأساطيلهم وبحريتهم التي أعادوا تنظيمها في بجاية عن شواطئ المغرب العربي كلها والأندلس.
وقد تحامل بعض المؤرخين الغربيين ، أمثال شارل فيرو صاحب كتاب تاريخ المدن على دور العثمانيين لمدينة بجاية , وإعادتها مركز إشعاع ثقافي حضاري كما كانت في عهد الحماديين , وزعم هؤلاء المؤرخون أن بجاية جردت من عظمتها كلها خلال العهد العثماني ، ولم تعد تؤدي سوى دور ثانوي في مصير أفريقيا الحديثة , ويعزون ذلك إلى أن المدينة وقد خضعت للاستعمار الإسباني قرابة نصف قرن من الزمان تعرضت معاملها الثقافية والحضارية خلالها للإهمال ، وتهدمت أحياء كثيرة منها , وتقلص عدد سكانها بنسبة كبيرة جداً , ولما جاءها العثمانيون وطردوا الإسبان منها كانت قد فقدت كثيراً من العوامل التي تستطيع أن تصل ماضيها بمستقبلها.
ويعتقد المؤرخون أن العثمانيين كان بإمكانهم أن يجعلوا من بجاية مقرا لحكومتهم حيث تتوفر فيها الشروط الضرورية لجعلها مؤسسة بحرية قوية , ولكنهم اكتفوا بجعلها إحدى الموانئ التي تحتمي فيها سفنهم خلال فصل الشتاء...
ويلتمس بعض المؤرخين العذر للعثمانيين في عدم اهتمامهم بالجانب الثقافي الحضاري في بجاية , ذلك أن العثمانيين كانوا في الأصل عسكريين كرسوا جل همهم في توفير القوة الحربية..
وأيّا ما كان الأمر ـ وكما يقول بعض المهتمين بتاريخ الجزائر – فإن الجزائر والمغرب العربي كله , وكثير من دول البحر الأبيض المتوسط مدينون لمدينة بجاية وعلمائها الذين كانوا سبباً في تأسيس الدولة العثمانية الجزائرية التي دافعت وحمت وطردت الإسبان ، وحافظت على الحضارة العربية الإسلامية في هذه الرقعة من العالم الإسلامي.
الأحد يونيو 28, 2009 2:23 am من طرف Admin
» فضلا...أدخل هنا قبل أن تضع مشاركتك
الأحد يونيو 28, 2009 2:22 am من طرف Admin
» التنويم المغناطيسي
السبت يونيو 27, 2009 2:21 pm من طرف wahid
» سر نجاح العلاقات الزوجية
السبت يونيو 27, 2009 12:27 pm من طرف zaki
» نص رسالة الشيخ عبد المحسن العباد الى خوارج الجزائر
الخميس يونيو 25, 2009 6:36 pm من طرف حامل المسك
» رسول الله يصف الخوارج .. فاحذروهم
الخميس يونيو 25, 2009 6:30 pm من طرف حامل المسك
» العلامة عبد المحسن العباد البدر
الخميس يونيو 25, 2009 6:10 pm من طرف Admin
» دعوة الشيخ "العباد" لحقن دماء العباد في الجزائر .
الخميس يونيو 25, 2009 6:06 pm من طرف Admin
» فرقة الخوارج ..الافكار والعقائد(منقول)
الخميس يونيو 25, 2009 5:45 pm من طرف Admin